تلخيص سلسلة التعريف بمباحث الفلسفة: الدرس 25

نظرية المعرفة - الأبستمولوجيا

سلسلة التعريف بمباحث الفلسفة الدرس الخامس والعشرون: نظرية المعرفة - الأبستمولوجيا

- يقول برتراند راسل: "همي الأكبر في الفلسفة أن أجيب عن أسئلة محددة: هل يُمكن لنا أن نعرف؟ وما هي حدود معرفتنا؟ وما هي طبيعة هذه المعرفة؟ وما هي الوسائِل التي يمكننا بها الوصول إلى المعرفة؟"

- هذه الأسئلة تلخص وظيفة ومهمة نظرية المعرفة – الأبستمولوجيا.

برتراند راسل

إمكانية المعرفة

- السفسطائيون أنكروا إمكانية المعرفة. والشكاك أنكروها كذلك.

- الدوجماطيقيُّون، عكس السفسطائيين والشكاك، قالوا أننا نستطيع أن نعرف كل شيء. وليس هناك حدود للمعرفة البشرية.

- فرانسيس بيكون يقول: "مثَل الفلاسفة العقليين والتأمليين كمثَل العنكبوت، إحكام بناءها يُدهشنا، ولكنَّهُ متهافِت ونابِع من بطن العنكبوت. والفلاسفة التجريبيون مثَلهم كمثَل النملة، تجمع الرزق وفي النهاية تأكلهُ وتُنهيه. أما الفيلسوف الكامل (التجريبي والذي يعتمد أيضاً على أسس عقليَّة) فمثَله كمثَل النحلة، تجمع الأشياء ولكنها بخاصيَّة فيها تُحيل هذه الأشياء إلى مادة مختلفة تماماً (عسل وشمع)".


- كانط كان فيلسوفاً كاملاً. فقد أخذ بالعقل، ولكن بحدود. وأخذ أيضاً بالتجربة.

استطراد: مدرسة الشك

- الشك غير الإنكار.

- الإنكار (الإلحاد) هو موقف نفسي وليس عقلي فقط. فإن المنكر حين يرفُض شيئاً فإنَّهُ يتبنى شيئاً آخر محلَّهُ. فهو سلبي وإيجابي في ذات الوقت.

أما الشاك، فهو يعلّق الحكم. مثل بايرون.

- ويليام جيمس يقول: "الذي يُقابِل الاعتقاد، ليس الإنكار. بل البحث والشك". بمعنى أننا لا يجب أن نُقابل الاعتقاد الأعمى بالإنكار. بل بالبحث عن الحقيقة.

- أول نشأة الشك كمذهب كان في العَصر الهيللينيستي. وبرز في هذا العصر شيخ الشكاك: بايرون. وهو لا يُسمى فيلسوفاً لأنَّهُ لا يؤمن أصلاً بالمعرفة.

- كان ِلبايرون تلميذ إسمهُ تيمون. وبِموت التلميذ انتهى الشك مبدئيَّاً. ولكنَّهُ بُعث من جديد بعد ذلك بقَرن في الإسكندريَّة. وامتدَّ إلى القرن الثالث الميلادي. فيكون عمر الشك القديم: 600 سنة.

- في العصر الحديث، ازدهر الشك مرة أخرى على يد مونتيني. وقد كان معاصراً ِلـ لابوسيه صاحب كتاب: العبودية المختارة.

سئِل لابوسيه مرةً: لماذا تُحب مونتيني هذا الحب كله؟ فأجاب: لأنَّه يختلف عني! فالعقل الذي لا يُحب العبودية هو الذي يميل إلى مجانسة ومقاربة المختلفين عنه.

- رينيه ديكارت جاء بعد مونتيني بِـستين سنة تقريباً. وقد بدأ شاكاً منهجياً، وانتهى إلى اليقين في كتابِه مقال في المنهج.

رينيه ديكارت

- وقد كتَب أحد الأدباء يقول: "إن ديكارت في كتابِه مقال في المنهج، قابَل قصة هزيمة بِقصة انتصار". قصة الهزيمة هي قصة مونتيني. إذ عاش ومات شاكاً محطماً.


- على ما يبدو، أن الشكاك المذهبيين والملاحدة دائِما يعيشون حيوات خالية من الاستقرار النفسي.

- جان بول سارتر، الذي عاش ملحداً شرساً، حين احتُضر طلب القسيس كي يعمدهُ! وهو قال في أحد كتبه: "يبدو أن هناك ثقباً في دماغ كل واحد منا. وهذا الثقب لا يسدُّه إلا الله."
وهذه العبارة أخذها سارتر من مونتيسكيو، صاحب كتاب: روح القوانين.


- علميّاً، هناك محفزات عضوية للإيمان في الدماغ. تُسمى: بقعة الله.

هناك محفزات عضوية للإيمان في الدماغ. تُسمى: بقعة الله.

عودة إلى نظرية المعرفة

- الشكاك الذين كفروا بإمكان المعرفة ينقسمون في شكهم إلى أقسام:

1. الشك المعرفي (الأبستمولوجي): وهو الذي يعنينا في دراسة نظرية المعرفة. وهذا الشك ينقسم إلى أنواع:
I. الشك المعرفي المطلق (بطله: بايرون).
II. الشك المعرفي الأضيق
III. الشك المعرفي المنهجي

IV. الشك المعرفي المذهبي

- بايرون يقول أن كل قضيَّة تقبل النفي والإثبات بقوة متعادلة (تكافؤ أدلة).

- هناك نقطة هامة، وهي أن الشك المعرفي لا يتناقَض مع تسليم الشاك بالمعتقدات السائدة. الشك المعرفي هو فقط شك في مسائل المعرفة. أما المسائل الوجدانية، مثل الحب والكره وغيرها، فيُسلّم الشاك فيها بالذَّوق العام Common Sense. ويُمكن أيضاً أن يكون الشاك متدينا  بدين من الأديان السائدة! وكل أعلام الشك المعرفي كانوا يسلمون بالعقائد السائدة.

- الشك المذهبي: هو عقيدة! فالشك في هذه الحالة هو غاية في ذاته.

- الشك المنهجي: هو طريق إلى غاية، ووسيلة إلى اليقين. فهو ليس غاية في ذاته.

- مؤسس الفلسفة العقلية الحديثة، رينيه ديكارت، استثنى النص الديني من سلطة العقل. ويُقال أنَّه فعل ذلك خوفاً على حياته! على الرغم من أنَّه في نفس الوقت ناهض السلطتين الدينيَّة (الكنيسة) والعلميَّة (أرسطو).

- في استثنائِه للنص الديني، لم يكن ديكارت عقلانيا.


- باروخ اسبينوزا، تلميذ ديكارت، أخضع النص الديني للعقل.

اروخ اسبينوزا

- بداية الشك المنهجي تعُود إلى سقراط.

- شك سقراط كان ذا شعبتين:
1. الشعبة السلبيَّة: وهي التهكم السقراطي. وكان هدف هذا التهكم هو التَّخلية. أي: تخلية العقل من الأفكار الفاسدة.

2. الشعبة الإيجابيَّة: وهي استيلاد الفكرة الصحيحة (التحلية) عن طريق الحوار العميق، لا التلقين. بحيث تُحس أنك تلميذ وأستاذ في نفس الوقت.

(هذه الفكرة صوفيَّة: التخلية والتحلية).
شاركه على جوجل بلس

Grini

الموقع لا علاقة له بالدكتور عدنان إبراهيم وهو مجهود شخصي لجمع علم وفكر الدكتور ومن نهج نهجه في مكان واحد. وكل ما ينشر على الموقع لا يعبر بالظرورة على فكر القائمين عليه. لذا وجب التنبية
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق