تلخيص سلسلة التعريف بمباحث الفلسفة: الدرس 27

مناهج المعرفة وأدواتها

سلسلة التعريف بمباحث الفلسفة الدرس السابع والعشرون: مناهج المعرفة وأدواتها

المنهج العقلي

- دينيا: تحكيم العقل في مقتضيات الوحي. فما يُقره العقل يُسمح به. بالذات في باب المعجزات والخوارق. فالخوارق غير مقبولة لأنها غير معقولة.

الشاعر الرومانسي الفرنسي دوشاتوبريانً يقول: "إن ما ليس بمعجز، ليس أقل إعجازاً مما يُعَدّ ِمعججزا". ففي نظر ِ ه الحياة ُ كلها معجزة.
يقول آينشتاين: "ليس الغريب والمدهش في هذا العالم أننا نفهمه. بل الغريب أنَّهُ قابل للفَهم".

الشاعر الرومانسي الفرنسي دوشاتوبريانً

- فيً الحياةً اليومية: العقلاني هو الذي لا يخضع لسلطة التقليد ولا الكثرة. بل لما يقتنع هو به.

- فيً الفلسفةً (الأبستمولوجيا): أصالة وجدارة العقل لاستمداد المعرفة وتحصيلها، بإزاء من يقول بأصالة التجربة والحس.
جونًلوكً يقول: "لا يوجد شيء في العقل لم يوجد قبل ذلك في الخارج الحسي".

لايبًنيتس وافَق جون لوك في مقولتِه، ولكنَّهُ عدَّل عليها وقال: "إلا العقل نفسه".

- كانطً يُخالف جون لوك. فهو ليس عقلانياً فقط. بل تجريبي أيضاً.

- عند كانط، الأصالة للعقل. فإن أنت ألغيت العقل أصبح كل شيء بلا معنى وتنتهي المعرفة. ولكن إن ألغَيت التجربة، تبقى هناك ألوان من المعارف في العقل. مثل البدهيات الرياضية الغير خاضعة للتجربة.

- يقول كانط أنَّهُ من الممكن عقلياً أن تنفَك العلل عن معلولاتِها. فمثلاً، من الممكن أن تصبح النار لا تحرق! فالقضايا التجريبية هي قضايا مشروطة (محكومة بشروط وظروف) وليست يقينيَّة.
مثل: الماء تجريبياً يغلي تحت درجة 100 سيليسيوس. ولكن إذا اختلف الضغط تختلف درجة الغليان.

المنهج التجريبي

- جونً لوكً هو أول من رفع لوء المنهج التجريبي بعد ديكارت. وهو أول من تكلَّم بشكل مفَصل في نظرية المعرفة. ومكث يؤلّف كتابَهُ متوسط الحجم "مقالة في الفهم البشري" مدَّة 20 سنة.

 جون لوك

- جون لوك قال أن الذهن الإنساني له أصالة. وهو يأتي فراغاً. ثم عن طريق الحس ترد إليه المعلومات ثم تستحيل هذه المعلومات إلى تصورات بسيطة.

- هناك نوعين من التصورات عند جون لوك:
          1. تصوراتً بسيطة

          2. تصوراتً مركبة

- التصوراتً البسيطةً: تأتي عن طريق نوعين من الحس:

I. الحس الظاهر: عن طريق الحواس المعروفة. ونُدرك به شيئين:
     1. الكيفيات الأوليَّة: وهي أشياء موجودة ولا يتوقف وجودها علينا. مثل: امتداد شيء
معين، أو حركة كائن ما.
     2. الكيفيات الثانوية: هي أشياء تتوقف علينا. ولولانا لما كان لوجودها معنى. مثل:
اللون، الصوت، والملمس، والطعم.


II. الحس الباطن: وهي قوى النفس الانفعاليَّة. ومعرفة النفس بذاتها، مثل: الحافِظة، والإدراك.

- التصوراتً المركبة: وهي ِ مثل النسبيَّة، أو العليَّة و الغائيَّة.
(ولترًستيس يقول: " هناك علاقة بين العليَّة والغائيَّة، وهي: أن الغائية هي علَّة من أمام. والعليَّة هي غاية من خلف)".

وأيضاً ضمن التصورات المركبة تقع المفاهيمً المتضايفة. مثل: الأبوة والبنوة. فلا يُمكن ان تُفهم الأبوة إلا من خلال البنوة.
الجهات إضافيَّة (جهات نسبيَّة): مثلاً، شخص يجلس عن يمينك وعن يسار أخيه. ونحن نجلس فوق من أسفلنا وأسفل من فوقنا. العلَّة والمعلول هي جهات متضايفة مثل المفاهيم في الأمثلة السابقة.

- جون لوك يقول أن هذه المفاهيم المقارنة (الإضافية أو المتضايفة) لا يظفر بها الذهن عن طريق الحس وحده. ففي الخارج الحسي لا يوجد شيء اسمه أب أو ابن. بل هناك شخصان. وعلاقة الأبوة والبنوة نشأت في الذهن بالمقارنة.

- لذلك جون لوك يرى أن الحس بنوعيه الظاهر والباطن لا يكفي لتوليد هذه المفاهيم المقارنة، وإنما لا بُد من تدخل الفاهمة الإنسانيَّة.

- بهذا يكون جون لوك أقرب إلى الفلاسفة العقليين. وهذا أيضاً سبب سخط التجريبيين عليه.

- فلسفة لوك تردّ على نظرية الأفكار الفطرية لديكارت.

- ديفيدًهيوم: لهُ كتاب في الفاهمة الإنسانية. وهو يقول أن الذهن فعلاً يأتي فارغاً. ولكن هيوم أنكر العقل نفسه! وقال أن العقل في نهاية المطاف تعبير عن قوى الحس وما تؤديه إلينا. هيوم لديه اعتماد مطلق على الحس.

- هيوم كان الأكثر اتساقاً وتوافقاً مع مبدأ التجريبية.


- التجربة عند هيوم لا يُمكن أن تُعطي مفهوماً كلياً. ولا تُعطي أيضاً مفهوماً ضرورياً.

- من الفروق الرئيسة بين الفلسفة العقلية والفلسفة التجريبية، أن العقلية تقول أن العقل الإنساني قادر على الظفر بمبادىء كليَّة (شاملة، عامة) وضروريَّة (لا تتخلف وهي دائما موجودة، ودائما تعمل). أما التجريبية فتقول أن كل أفكارنا لا تتسم لا بالتعميم ولا الضرورة. لأن الحس لا يزودنا بهذا.

- لوك قال أن الإنسان ينتزع مفهوم العلية من خلال المقارنة.

- هيوم قال أن هذه بداية موفقة، لكن العلاقة ليست عليَّة، بل تتابعيَّة. فعندما تحرق النار القُطن فهذا لا يعني أن اشتعال القطن سببه النار. بل حدَث أن تتابع الأمران فحدَث الحرق. هنا إشارة إلى مفهوم كانط الذي ذكرناه سابقاً عن إمكانية انفصال العلة عن المعلول.

- يتابع هيوم فيقول، أن هذه الضرورة (العلة والمعلول) ليست ضرورة منطقيَّة، بل ضرورة نفسيَّة. فبسبب تتابع الأحداث يظن الناس أن أحدها سبب الآخر. هو مجرد توهم.

- نظرة هيوم لهذه العلاقة يوضحها بمثال، وهو:
رجل بدائي يدخل المدينة للمرة الأولى ويرى سيارة لأول مرة. ويراها تُعطي غماز يمين، وتلتف لليمين. ثم تعطي غماز شمال وتلتف للشمال. فإن هذا الرجل البدائي فوراً سيعتقد أن الغماز هو سبب التفاف السيارة!
بالنسبة لهيوم، كل شيء في الحياة يتوهمه الناس على مبدأ العلة والمعلول كما في مثال الرجل البدائي. والحقيقة هي أن العلاقة هي علاقة تتابع فقط.

- في الرد على هيوم، نبين عدة أمور:
- هناك فرق بين العليَّة كمفهوم تصوري وبينهُ كمفهوم تصديقي.
- كمفهوم تصوري: أن يكون الشيء على حالة بحيث تؤثر في حالة أخرى (السبب والنتيجة).
- كمفهوم تصديقي: وهو التطبيق العملي للمفهوم التصوري. وهذا هو المفهوم الذي يُنكره هيوم.
- السؤال الآن: كيف ظفر ذهننا بالمفهوم التصوري للعليَّة؟
لنفترض جدلاً أننا نتفق مع هيوم في إنكاره للمفهوم التصديقي. فلا يوجد عليَّه ومعلول على أرض الواقع. ولكن، عندما نرى هذه التتابعات (كما يصفها هيوم) كيف ينشأ مفهوم العليَّة التصوري في أذهاننا؟ فالحس لا يستطيع أن يُنشىء هذا المفهوم. فمن أنشأه إذاً؟
لذلك، هناك لياقة عقليَّة قادرة على إيجاد هذه المفاهيم (المفاهيم الثانية الفلسفية: عرضها ذهني وتصديقها خارجي).

- نقد آخر لهيوم (وهذا النقد من الدكتور عدنانً إبراهيم): قد أخطأ هيوم وأبو حامد الغزالي أيضاً عندما ظنُّوا أن العليَّة مقتصرة على التتابع، بل هي تمتدّ إلى التزامن. فمثلاً: جهاز عرض الصور.
عندما تُحرك الجهاز تتحرك الصورة في نفس اللحظة. هنا ليس تتابع. بل تزامن.

وعليَّة أفعال الله في الخلق وفي الكون هي عليَّة آنيَّة. تزامنية – لا فاصل زمني.

- هيوم تحدَّث عن أن الأشياء حين تدخل ذهن الإنسان فإنها تدخل على ثلاث مراحل:
1. الصور الانطباعية (Impressions).
2. المعاني (Ideas).

3. النِّسب (Relations).

- الانطباعية: هي الصور الجزئيَّة. مثل أن ترى صورة لأشياء: كرسي، كوب ... إلخ.

- المعانيً والأفكار: هي المفاهيم الماهوية – الكليَّة. مثل: الإنسان، الجبل ... إلخ. وهي التي فسرها هيوم على أنها صور ومعاني شبحيَّة وهميَّة مشوشة وغير واضحة. ولأنها مشوشة نتوهم أنها تنطبق على عدة أشياء.


- النِّسب: هي العلاقات بين الصور الانطباعية والمعاني. وتنشأ عنها معاني أكثر تعقيداً.
شاركه على جوجل بلس

Grini

الموقع لا علاقة له بالدكتور عدنان إبراهيم وهو مجهود شخصي لجمع علم وفكر الدكتور ومن نهج نهجه في مكان واحد. وكل ما ينشر على الموقع لا يعبر بالظرورة على فكر القائمين عليه. لذا وجب التنبية
    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق